الأحد، 27 نوفمبر 2011

طريقي الى الله

لم يكن طريقي الى الله بالسهل الهين بل لازمني اياما و شهورا و سنينا اكاد احسب عددها التقريبي التي جاوز العشر سنين
..كانت بدايتي في مطلع  مراهقتي حيث نشات في بيت متدين جدا
ينعم بالمحبة و العلم و الدين..لا داعي للاكثار بالرغم انها مقدمة  اعتقد انها في صميم ما هو ات ...
البداية ...
     كنت  اسعد كثيرا بالجلوس بين يدي جدي رحمة الله عليه في وقت ما بين العصر و المغرب بشكل دائم كلما امكن ننظر الى اسراب الحمام السابحة فوق رؤسنا من اسطح المنازل المجاورة و التي احترف بعض قاطنيها تربيتها و تدريبها
.. و كانت تدهشني قصصة الممتعة التي كان يأتي بها لي دوما من كل دول العالم التي زارها بحكم عمله كدبلوماسي سابق في قديم الزمان و قبل الثورة  يوليو و التي احيل بعدها للتقاعد الجبري...
ما علينا ...
     ادت سفرياتة  المتنوعة و المتعددة الى اجتذاب القصص و الحكايا من غرائب و عادات الشعوب و التي _كطفلة ذات الاثنى عشر عاما _كانت تبهرني و  تشعرني بأنني جالسة امام كتاب للحواديت حي يرزق.. و بشيئ من الدلال و العشم كنت دوما اعبث بمكتبته الزاخرة التي اتى بها من كل انحاء العالم و التي اقسم انها لثروة لا تقدر بثمن.. و اذا بي بيوم يلفت نظر كطفلة كتاب ضخم  و شديد الفخامة و ملئي بالصور لكن ..... مكتوب باللغة الانجليزية ..لم اكن قد اتقنت الانجليزية بعد و كنت اتطلع للصور و افرح بها و اداوم على الاسئلة و اطالبه بقراءة التعليقات التي تحتها او معرفة مضمون المقالة التي تشرحها.. و اذا بي ارى شيئ كان في منتهى القسوة على طفولتي التي لم تلوثها قنوات الاعلام المنتشرة حاليا بعد ....ترى ماذا رأيت ؟؟
صورتين من ابشع ما يكون ..الاولى كانت عبارة عن جدار مصنوع من الجماجم البشرية ... حجمه التقريبي من خلال الصورة و الشخص
الواقف بجوارة ما يقرب من المترين ارتفاع و الثلاث امتار طولا و النصف متر عرضا.. و الصورة الثانية كانت لعدد من الاشخاص الذي تعدى عددهم السبعة معلقين على مشانق و في سبيلهم للحرق بعد الشنق.. سألت جدي .... اية دة يا جدو هو ممكن حد يعمل في الناس كدة ؟؟ ضحك على برائتي و  ربت على كتفي بمنتهى الحنو و قالي لي ايوة يا سمسمتي و اكتر من كدة
سألته و ما السبب ؟؟؟  اعتقد انه ليس من سبب ابدا لأن يقتل الانسان شخص من بني جنسه بهذة الوحشية مهما كانت الاغراض ..من فضلك يا جدي ترجم لي المكتوب تحتها ..قال لي بدون ان ينظر الى الصور مجددا ... و خيل لي انه كان حاضرا لتلك الواقعة بحكم عمله في هذه الدولة التي يتحدث عنها.................................
سمية .... دي ناس ماتت بأسم الاله ؟؟
قولتله ازاي  ؟؟
.. انا مش فاهمة.
.قالي .... دي قرية هندية من القرى اللي بتعبد البقر .. و هبط عليها ارسالية تبشير مسيحية تدعو للديانة المسيحية و تعمل على نشر الدين ..قولت له عظيم جدا احسن يكونوا مسيحيين على انهم يعبدوا البقرعلى الاقل هيعبدوا الاله الحق..
ضحك بهستيرية و ضمني لصدره بعنف و قالي اهم بقى اتقتلوا علشان رفضوا يعبدوا الاله الحق ......
مش فاهمة حاجة يا جدي من فضلك وضحلي..
قالي ... كل ديانة بيكون فيها ناس متعصبين متشددين ...
متخيلين ان عقيدتهم بس هي اللي صح و الباقي مش صح و ان اسلوبهم في الحياة هو الوحيد اللي صح حتى او اضطروا انهم يقتلوا من يعارضوهم الرأي .... والارسالية دي كانت من النوعية دي .....تعاملوا مع الناس في البداية بالترغيب ولكن الناس اهل القرية دي كانوا متدينين جدا ... و لم يكترثوا كثيرا بكثرة العطايا و التشجيع التي كانت تنهال عليهم من قبل هذة البعثة الدينية ...  كانوا يسعدوا بها لفقرهم المدقع لكن لم تغير من ايمانهم شي ..و عندما استنفذ هؤلاء الرسل كل المغريات ... التي لم تفلح معهم ... كشروا عن انيابهم و بدات حملة ترهيب بشعة ... كانوا يقتلون اهل القرية  بالرصاص في جبهتهم على مرأي و مسمع من اهلهم و هذا يفسر الثقوب التي تظهر في الجماجم الظاهرة امامك ..
قولت له ازاي  كدة ؟؟؟   مينفعش كدة....لالالالالالالالالالا ... جدو انت بتتكلم بجد ؟ 
قالي ايوة بتكلم بجدو ظلوا على هذا الحال شهورا لم ييأسوا و محتمين بالحامية الانجليزية التي معهم و مستأسدين بهمو لما لم تفلح معاقبة اهل القرية بالقتل الفردي المنفصل ..قرروا يعملوا قتل جماعي لرؤسائهم علشان يعملوا منهم عبرة لجميع اهل القرية البسطاءو هما الظاهرين في الصورة التانية معلقين على المشانق معدمين استعدادا للحرق ...
       شعرت بالخوف و البلاهة و عدم التوازن من الحقيقة المخجلة ... قولت له طيب لية ميقولوش اننا بقينا على دينكم علشان ميموتوش و يحتفظوا بديانهم في قلوبهم ؟؟  يعني يهربوا بعمرهم ..
  ربت وقتها على يدي بمنتهى الطيبة و قال لي ... يا حبيبة قلبي معلش انتي لسة صغيرة بس عارف ان عقلك كبير سابق سنك .. و علشان كدة هقولك الحقيقة اللي انا متاكدة انك هتقدري تستوعبيهاا ...لعلاقة بين الانسان و الهه .....لما تصل لقمة الايمان.. ينحل عنها الرياء و الكذب  ... حتى لو كذب مبرر ... و انقاذا للنفس ..يعني يا اما انا مؤمن بما اعتقد و مستعد اموت علشانه يا اما انا انسان ناقص الايمان و العقيدة و بالتالي ...  انتي عارفة الباقي....
و قتها فقط هبطت فوق رأسي مئات علامات الاستفهام و التساؤل ... ابتدت بسؤال اعتقد ان الكل دار بخلده
من هو الاله الحق ؟؟ 
الاله الذي يقتل الناس من اجله ام الاله الذي يقتل الناس بأسمه ؟؟
من انت ايها الاله السماوي السادي المدعي العظمة و الحكمة و الرحمة ...و تدع عبادك يقتلون بأسمك  طمعا في جنتك او خوفا من جحيمك ؟
و من هو ذالك الاله الوثن العظيم الذي يستطيع الناس بذل نفوسهم من اجل ايمانهم به حبا و كرامة ؟؟
من احق فيكم  بالعبادة انت ام هو ؟؟..
و من هو المؤمن الحق ؟؟ا
  المؤمن بالرب السماوي المجهول المحتجب الذي يأمر بقتل الناس من اجله و يتلذذ بالدماء ؟؟
ام  المؤمن بذاك الاله الارضي المنظوز الظاهر الرحمات ان شئنا القول الذي يضحي الناس بارواحهم من اجله ؟؟
قضيتان مهمتان  ...
المؤمن الجق ..
و الاله الحق ...
       احسست وقتها برعشة اصابتني بحمى لازمتني الفراش ما يقرب من الثلاث ايام عندنا رأيت نفسي مكان هذا المشنوق او ذاك المحروق او تلك المذبوحة هل كنت بالفعل سأضحي لله بروحي ؟؟ هل كنت سأقاوم ؟؟
... ام كنت ساتبع ملتهم الجديدة ... ولو بالكذب و احبس ايماني بقلبي ؟؟ هذا في حالة انني بالفعل مؤمنة ؟ و كانت الاجابة ؟؟  انني لست بمؤمنة ...  و اذا كنت محلهم كنت سانساق مع الجدد ... صدمتني حقيقتي التي عرفتها  و اكتشفتها عن نفسي و الذي اماط جدي عنها الحجاب ... يا لي من جبانة .. يا لي من خسيسة ..اين انت ايها الاله .. من تكون .. و من اكون انا الاخرى ... ظللت هكذا اياما ارتعد من الحمى  التحف الاغطية الثقيلة و اتفصد عرقا في عز حر يوليو  و حتى بدات في الخروج من حالة الهذيان و الاغماء وجدت امي رحمة الله عليها بجواري .. تحسيني اناء من الحساء .. و تضمني
       حمد الله على سلامتك يا سوسو  ... اية اللي جرالك دة انا كنت هموت عليكي و الدكتور اللي جبناهولك قال البنت مفيهاش حاجة عضوية .. انتي بتتدلعي والا اية ؟..قصصت على امي الامر بحزافيره و تفاصيلة و انا باكية منكسة الرأس ممتئلة بالرعب و الخجل و الالم ...قالت لي يااااااااااااه معقولة اللي انتي فيه دة ؟؟قولتلها انا عاوزة اقولك حاجة يا مامي انا بجد بكره ربنا دةا نا مش عاوز اعبده تاني ...قالتلي استغفر الله العظيم ...طيب معلش اهدي شوية و انا هساعدك بس بلاش تقولي كلام  مش كويس  ...قولتلها مش كويس ازاي بس ؟ دة بيسمح بقتل الناس بأسمة ؟ يعني كان لازم يعمل معجزة و يمنع الناس السفاحة دي عن قتل الناس الابرياء  اللي ملهمش اي ذنب غير انهم مؤمنين جدا بربهم !!!
قالتلي طيب معلش بس بالراحة ...مدام انتي دخلتي الدوامة دي يبقى امري لله   ...اعملي اللي انتي عوزاه بس  نصيحتي لكي بلاش تعادي قوة انتي متعرفيش حجمها و مجهولة بالنسبة لك ... الاحسن انك تبحثي عنها في الاول و تعرفي حجم قدرتها و بعدين قرري ولائك او خروجك عنها  ... والدتي رحمة الله عليها كلمتني بمنطق العلم الذي تعرفة بحكم انها فزيائية و مهندسة ...
افقت بعدها من الحمى و غادرت فراش المرض و بدأت رحلة البحث عن الله ..او بمعنى ادق .. الاله ..و  رحلة اخرى للبحث في ذاتي عن ايماني الذي لا اعرف عنه شيئ غير طقوس و حكايات تعلمتها نقلا عن البشر القاطنين معي في نفس المنزل ..نزعت اسلامي عن قلبي ...و ابتديت من اول السطركنت طفلة ذات عقل كبير لكن مفرداتي و خبراتي و مخزون تجربتي صفر ...قرات كثرا و فهمت لا شيئ  ...في البداية  ..سالت كثيرا و استمعت اكثر ...قرات ثانيا و فهمت اقل عشر سنين على هذا الحال... تتضاعف عندي الخبرات و تتراكم لدي التجارب و المعرفة و يتسع الافق لدي ... اخرج من دين الى الدين الذي يليه..كلهم سواء ... اذن لما العنف و الصراعات الدموية ؟؟حتى انني اكتشفت ان معظم الديانات الوثنية كانت من اصول حنفية توحيدية و في اخر الرحلة اعتنقت الاسلام الحنيف ...رجع الحمل الضال للحظيرة ثانيا
لكن على اساس متين و فلسفة اعمق....ا ن الله  ... حقا ...اكبر  ........لله اكبر ...وسع كرسية السماوات والارض متجلي للكل في الكل ..اعبده فيما تشاء ....و بما ان لا اله الا الله ..فانك لن تعبد الا الله المتجلي في معبودك  ..... لكن السؤال الحقيقي من ذا الذي يشفع عنده ؟؟؟
و الجواب كان ....سيشفع  اجل ..سيعرف... حتما ....لكن بأذنه  ....و الحمد لله على نعمة الايمان و الايقان بوجوده و سلام على الجميع... و قد يكون للحديث بقية .

هناك 3 تعليقات:

  1. جميل ورائع .قريبا مما عشته تقريبا ..ولكن الفرق انى نسخت كل علم بعدما تعلمتة وبدات من جديد
    ولقد استعير قول الامام على رضوان الله عليه
    عرفت ربى بربى ولولا ربى ما عرفت ربى

    ردحذف
  2. اشكرك جدا يا صديقي لكرم المرور و الاهتمام بالتعليق , لا ابالغ ان قلت ان الكثير بل الكل قد مر بتلك الحالة و ذاك الشان .. بيد ان اليات الوصول تختلف باختلاف الزمان و المكان و طبيعة الشخص ذاته و قدرة عقله على التقبل و الايمان بمبدأ التسليم في بعض الاحيان ... تحياتي لشخصك و تجربتكم الكريمة

    ردحذف
  3. جميلة جدا و مليانة أفكار

    ردحذف